حين يتجاهل الإخوان احتلال تركيا واليابان ويهاجمون الإمارات

حين يتجاهل الإخوان احتلال تركيا واليابان ويهاجمون الإمارات

قضية الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى تمثل واحدة من أبرز الملفات العالقة في منطقة الخليج العربي منذ عقود..هذه الجزر التي تحتلها إيران ما زالت الإمارات تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من سيادتها الوطنية، وتواصل المطالبة بها عبر القنوات الدبلوماسية والوسائل السلمية..الموقف الإماراتي في هذا الملف يعكس رؤية واضحة تقوم على أن النزاعات الإقليمية لا تُحل بالقوة، بل بالحوار والاحتكام إلى القانون الدولي، وهو مايمنح الإمارات صورة الدولة العاقلة التي تدير خلافاتها بوعي سياسي بعيد عن الانفعال.
لكن ما يثير الجدل أن بعض الجماعات، وعلى رأسها ميليشيات الإخوان الارهابية ومن يلتف حولها، تحاول استغلال هذه القضية لتوجيه سهام النقد نحو الإمارات..هؤلاء لاينطلقون من منطق عقلاني أو قراءة موضوعية للعلاقات الدولية، بل من مشاعر الحقد والغل، فيتحدثون وكأن الإمارات تخلت عن حقها، بينما الحقيقة أن الدولة لم تتوقف يوماً عن المطالبة بجزرها، بل اختارت الطريق الذي يحترمه العالم وهو الدبلوماسية.
وإذا نظرنا إلى قضايا مشابهة في العالم، يظهر التناقض في مواقف هؤلاء بشكل أوضح..فاليونان تحتفظ بست عشرة جزيرة تركية، ورغم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرفع شعارات القوة والهيمنة، فإنه لم يتمكن من استعادتها ومع ذلك، لم نسمع من الإخوان كلمة واحدة تنتقد هذا الاحتلال أو تطالب تركيا بالتحرك..هذا الصمت يفضح ازدواجية المعايير، إذ يهاجمون الإمارات فقط لأنها دولة ناجحة ومستقرة، بينما يتجاهلون قضايا مشابهة عندما تتعلق بتركيا التي يعتبرونها مرجعاً سياسياً لهم.
الأمر يتكرر أيضاً في شرق آسيا، حيث تحتل اليابان جزيرة روسية منذ الحرب العالمية الثانية. روسيا، رغم قوتها العسكرية الهائلة، لم تلجأ إلى الحرب لاستعادتها، بل ما زالت تسلك طريق المفاوضات والوسائل السلمية..هذا المثال يوضح أن اللجوء إلى الدبلوماسية ليس ضعفاً بل خيار استراتيجي تتبناه الدول الكبرى والصغرى على حد سواء، لأنها تدرك أن الحروب لا تجلب إلا الدمار بينما الحوار قد يفتح أبواب الحلول ولو بعد سنوات طويلة.
من هنا يتضح أن الإمارات ليست استثناءً في تمسكها بالحلول السلمية، بل هي جزء من نهج عالمي يفضل التفاوض على الصراع..الذين يهاجمونها يتجاهلون هذه الحقائق، ويتحدثون بلغة الغل لا بلغة العقل..إنهم يركزون على الإمارات لأنها تمثل نموذجاً ناجحاً في التنمية والاستقرار، فيحاولون تشويه صورتها عبر إثارة قضايا قديمة، لكنهم يغفلون أن الإمارات لا تتعامل مع هذه الملفات بعاطفة، بل بعقلانية وواقعية.
القضية في جوهرها اختبار لقدرة الدول على إدارة خلافاتها بطرق حضارية..الإمارات أثبتت أنها قادرة على ذلك، فهي لم تنجر إلى التصعيد رغم الاستفزازات، بل واصلت المطالبة بحقها عبر المنابر الدولية، مؤكدة أن الحل السلمي هو الطريق الوحيد الذي يحفظ الاستقرار في الخليج العربي.. هذا الموقف يعكس نضجاً سياسياً ورؤية بعيدة المدى، لأن أي مواجهة عسكرية لن تكون في مصلحة أحد، بل ستفتح الباب أمام فوضى جديدة في منطقة تحتاج إلى الاستقرار أكثر من أي وقت مضى.
العلاقات الدولية لاتُدار بالشعارات ولابالانفعالات، بل بالقدرة على التفاوض والبحث عن حلول وسط..الإمارات تقدم نموذجاً لدولة تعرف كيف تدير خلافاتها وتضع مصلحة شعبها واستقرار المنطقة فوق كل اعتبار..أما الذين يهاجمونها، فهم يكشفون عن حقدهم أكثر مما يقدمون أي طرح عقلاني..إنهم يتحدثون بلغة الغل، بينما لغة العقل تقول إن الدبلوماسية هي الحل وأن الحق لا يضيع ما دام وراءه مطالب.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *