بوصلة المجد: الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم
بوصلة المجد: الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم
الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم -رحمه الله- لم يكن مجرد حاكم لإمارة دبي بل كان عقلاً استثنائياً استطاع أن يحول الرمال إلى رؤية والرؤية إلى واقع ينبض بالحياة..لم ينتظر النفط ليبدأ في بناء دبي، بل بدأ من حيث يقف الآخرون من الفكر الخلاق ومن الإيمان بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية في زمن كانت فيه الإمكانيات محدودة استطاع أن يستثمر في العقول ويستنهض الهمم ويقود الإمارة نحو مستقبل لم يكن أحد يتخيله.
تميز الشيخ راشد بقدرة نادرة على قراءة الناس وفهم دوافعهم واستثمار طاقاتهم في المكان الصحيح..لم يكن يكتفي بإصدار الأوامر بل كان يشارك رجاله في التفكير ويمنحهم الثقة، ويجعلهم شركاء في الإنجاز..هذه القدرة على بناء فريق متكامل من حوله كانت أحد أسرار نجاحه فقد أدرك أن الطموح الكبير لايتحقق إلا بتكاتف الجهود وتوزيع المسؤوليات على من يستحقها.
من أبرز ملامح عبقريته إدراكه المبكر لأهمية البنية التحتية في بناء مدينة عالمية لم تكن الجسور والطرق مجرد مشاريع هندسية بل كانت أدوات للربط بين الناس، ولتسهيل الحركة، ولتوسيع نطاق النشاط الاقتصادي..تطبيقه لتعرفة مرورية في ستينيات القرن الماضي لم يكن قراراً إدارياً فحسب بل كان خطوة جريئة نحو تنظيم المدينة وتحقيق دخل يساعد في تمويل مشاريعها. هذا النوع من التفكير العملي والمبتكر هو ما جعل دبي تتفوق على كثير من المدن التي سبقتها في الموارد.
كان الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم -رحمه الله- يرى في كل تحدٍ فرصة، وفي كل عقبة درساً وفي كل فكرة بذرة لمستقبل واعد..لم يكن يؤمن بالمستحيل، بل كان يراه مجرد كلمة يتداولها من لايملكون الشجاعة الكافية..حين واجهته صخرة الواقع لم يتوقف بل التف حولها واستمر في الجريان كما يفعل الماء حين يعترضه حجر في مجراه.
هذه الفلسفة في الحياة جعلت منه قائداً لا يُنسى ورمزاً للنهضة التي شهدتها دبي..أثره لم يقتصر على المشاريع بل امتد إلى النفوس فقد كان يحث أبناءه ومن حوله على الطموح وعلى السعي الدائم نحو الأفضل..كان يؤمن بأن الحضارة لاتُبنى بالحجارة فقط بل تُبنى بالقيم وبالعمل وبالإصرار.
دبي اليوم ليست مجرد مدينة بل هي شهادة حية على عبقرية رجل آمن بها قبل أن يؤمن بها العالم وراهن على نجاحها حين كانت مجرد حلم في الصحراء.
الشيخ راشد مدرسة في القيادة ومثال في الرؤية ونموذج في تحويل الأحلام إلى منجزات تتحدث عنها الأجيال.
نسأل الله ان يغفر له وتغمده بواسع رحمته.



