مواقف الإمارات المشرفة تجاه السودان

مواقف الإمارات المشرفة تجاه السودان

منذ اللحظة التي بزغ فيها فجر الاتحاد، حملت دولة الإمارات العربية المتحدة على عاتقها رسالة سامية، تتجاوز حدود الجغرافيا وتعلو فوق اعتبارات المصالح الضيقة..كانت العروبة في وجدانها، والإسلام في نهجها، والإنسانية في جوهر سياستها.
ومنذ عهد صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- والإمارات تمد يدها إلى كل من يحتاج، لاتفرق بين قريب وبعيد، ولاتنظر إلى العرق أو المذهب، بل ترى الإنسان أولاً وترى في دعم الأشقاء واجباً لا يُنتظرعليه شكر.
السودان، ذلك البلد العربي العريق، لم يكن يوماً بعيداً عن قلب الإمارات..منذ عقود ودولة الإمارات تساند السودان في محنه، وتدعمه في أزماته، وتحرص على أن يبقى متماسكاً رغم العواصف.. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- كان يرى في السودان عمقاً عربياً لايُستهان به، وكان يحرص على أن تبقى العلاقة بين البلدين قائمة على المحبة والاحترام والدعم المتبادل..لم تكن تلك العلاقة مبنية على المصالح، بل على الأخوة الصادقة، وعلى الإيمان بأن العرب جسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
ومع مرور الزمن، لم تتغير تلك الرؤية، بل تعمّقت أكثر في عهد الشيخ صاحب السمو محمد بن زايد آل نهيان -حفظه الله- الذي حمل الراية بنفس الروح، وبنفس الإيمان، وبنفس الالتزام..لم يكن دعمه للسودان مجرد موقف سياسي، بل كان امتداداً لنهجٍ متجذر في وجدان الإمارات..نهج يرى في الاستقرار العربي ضرورة، وفي دعم الأشقاء مسؤولية، وفي الوقوف إلى جانب الحق واجباً لايُؤجل.
لكن حين يكون الفعل نقياً لايرضي أصحاب الأجندات الملوثة..ظهرت أبواق رخيصة، لاهمّ لها سوى تشويه الصورة، وتزييف الحقائق، وترويج الأكاذيب..ادّعت أن الإمارات تتدخل في الشأن السوداني، ونسجت روايات لا أساس لها، مدفوعة بأهداف حزبية مقيتة، لاترى في السودان وطناً يجب أن يُحمى، بل ساحةً لتصفية الحسابات، ومسرحاً لتكريس النفوذ..تلك الأصوات لاتمثل الشعب السوداني، ولاتعبّر عن ضمير الأمة، بل تعبّر عن مصالح ضيقة، وعن ولاءات مشبوهة، وعن رغبة في إبقاء السودان غارقاً في الفوضى.
الإمارات، على عكس تلك الادعاءات، لم تكن يوماً طرفاً في النزاع، بل كانت دائماً رسول سلام، تحمل في يدها غصن الزيتون، وفي قلبها حباً صادقاً لكل عربي..دعمت السودان في التنمية، في التعليم، في الصحة، وفي إعادة البناء ووقفت إلى جانب الشعب، لا إلى جانب طرف ضد آخر..لم تسعَ إلى مكاسب، ولم تطلب امتيازات، بل قدّمت ما تستطيع، لأن ذلك جزء من هويتها، ومن رسالتها، ومن التزامها الأخلاقي والإنساني.
الذين يهاجمون الإمارات، لايفعلون ذلك لأنهم يملكون الحقيقة، بل لأنهم يخشونها..يخشون أن تنكشف نواياهم، وأن يُفضح دورهم في تأجيج الصراعات.
الإمارات لاترد على تلك الحملات، لأنها تعرف أن الحق لايحتاج إلى صراخ، وأن التاريخ وحده كفيل بكشف الزيف..هي تمضي في طريقها تبني وتدعم وتُداوي الجراح، بينما ينشغل الآخرون في الهدم والتشويه.
من السودان إلى كل بقعة عربية، تبقى الإمارات حاضرة، لاتبحث عن الأضواء، بل عن الأثر.. لاترفع الشعارات، بل تزرع الأمل..لا تتدخل لتفرض، بل لتصلح..وهذا هو الفرق بين من يحمل رسالة، ومن يحمل أجندة..بين من يسعى للسلام، ومن يتاجر بالدم. وبين من يكتب التاريخ بالفعل، ومن يحاول تغييره بالكذب.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *