كيف نربي جيلاً وطنياً
كيف نربي جيلاً وطنياً
تربية الأبناء على حب الوطن ليست مهمة عابرة بل عملية تربوية مستمرة تتطلب وعياً عميقاً من الأسرة والمجتمع.
الوطن ليس مجرد مساحة جغرافية، بل كيان يحمل في طياته تاريخاً وهوية وكرامة..حين نغرس في نفوس أبنائنا أن الوطن غالٍ، فإننا نمنحهم حصانة فكرية وأخلاقية ونبني فيهم شعوراً بالانتماء والمسؤولية.
الطفل لايدرك معنى الوطن من تلقاء نفسه، بل يتعلمه من خلال التجربة والملاحظة..عندما يرى والديه يتحدثان عن الوطن بفخر ويعبّران عن امتنانهم لنعمة القيادة والأمن، فإن هذه المشاعر تنتقل إليه تدريجياً وتصبح جزءاً من تكوينه النفسي..التربية الوطنية تبدأ من البيت حيث تُزرع البذور الأولى للولاء والانتماء.
من المهم أن نربط حب الوطن بالواقع اليومي لا أن نجعله فكرة مجردة. عندما يرى الطفل أن رجال الأمن يسهرون على راحته وأن القيادة تعمل من أجل رفاهيته، فإنه يبدأ في فهم أن الوطن ليس فكرة بعيدة بل حياة يعيشها ونعمة يتمتع بها..هذا الفهم لايأتي من تلقين مباشر بل من حوار مستمر، ومن مواقف تُترجم فيها القيم إلى سلوك.
الأسرة تلعب دوراً محورياً في هذه التربية، فهي البيئة الأولى التي يتشكل فيها وعي الطفل. حين يتحدث الأب عن جهود القيادة في تطوير البلاد أو تروي الأم قصة عن تضحيات رجال الأمن، فإن الطفل يتلقى رسالة غير مباشرة بأن الوطن يستحق الحب وأن من يخدمه يستحق الاحترام. هذه الرسائل تتراكم وتتحول إلى قناعات راسخة تُشكّل أساساً لسلوك وطني مسؤول.
المدرسة أيضاً لها دور لايقل أهمية، فهي المكان الذي يتعلم فيه الطفل كيف يترجم حب الوطن إلى عمل. من خلال الأنشطة المدرسية والبرامج التوعوية والمناهج التي تُبرز تاريخ الوطن وإنجازاته، يتعلم الطفل أن الوطن ليس مكاناً فحسب بل مشروع مستمر يحتاج إلى مشاركة الجميع. عندما يُطلب من الطلاب أن يكتبوا عن الوطن أو يشاركوا في فعاليات وطنية، فإنهم لا يعبّرون عن مشاعرهم فقط بل يُمارسون الانتماء بشكل عملي.
وسائل الإعلام والمنصات الرقمية أصبحت جزءاً من حياة الأطفال ولايمكن تجاهل تأثيرها. من المهم أن نوجّههم نحو المحتوى الذي يُعزز حب الوطن ويُبرز نعمة القيادة ويُظهر أهمية الأمن والاستقرار. البرامج التي تُسلّط الضوء على جهود رجال الأمن أو التي تُوثّق إنجازات القيادة تُساهم في بناء صورة إيجابية في ذهن الطفل وتُعزز شعوره بالفخر والانتماء.
من الوسائل الفعالة أيضاً أن نربط حب الوطن بالامتنان..عندما نُعلّم الطفل أن يشكر الله على نعمة الأمن وأن يحمده على وجود قيادة حكيمة، فإننا نُرسّخ في داخله شعوراً بالمسؤولية وبأن هذه النعم ليست مُسلّمة بل تحتاج إلى حفظ ومشاركة واحترام. الامتنان يُحوّل الحب إلى فعل ويجعل الطفل أكثر وعياً بقيمة مايملك.
من المهم أن نُعلّم أبناءنا أن حب الوطن لايعني رفع العلم أو ترديد النشيد فحسب، بل يعني أن يكونوا أفراداً صالحين يحرصون على النظام ويحترمون القانون ويُساهمون في بناء مجتمع متماسك..هذا النوع من الحب هو مايصنع الفرق ويُحوّل الشعور إلى سلوك والانتماء إلى مشاركة.
القيادة السعودية وعلى رأسها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- قدّمت نموذجاً يُحتذى في خدمة الوطن وفي بناء دولة حديثة آمنة ومزدهرة. حين يرى الأبناء هذه الجهود ويشعرون بثمارها في حياتهم اليومية، فإن حبهم للوطن يصبح جزءاً من وجدانهم لامجرد فكرة تُلقّن لهم.
غرس حب الوطن في نفوس الأبناء هو استثمار في المستقبل وبناء لحصانة داخلية تحميهم من الانجراف وتُوجّههم نحو الإيجابية والمشاركة والولاء..هو تربية لاتُقاس بالكلمات بل تُقاس بالوعي وبالقدوة وبالرسائل التي تُزرع في القلب قبل العقل.



