سلاحنا..من صنعنا

سلاحنا..من صنعنا

في قلب المملكة العربية السعودية، حيث تلتقي الرؤية الطموحة مع الإرادة الصلبة، تشهد الصناعات العسكرية طفرة غير مسبوقة تعكس حجم الاستثمار الوطني في بناء قوة دفاعية متقدمة ومستقلة..لم تعد هذه الصناعات مجرد مشاريع تقنية أو اقتصادية محدودة، بل تحولت إلى رمز للسيادة الوطنية ومرآة لتجسيد رؤية القيادة السعودية في تعزيز منظومة الأمن، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الدفاع، انسجاماً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
ومن أبرز ملامح هذا التحول الواعد، تأسيس الهيئة العامة للصناعات العسكرية، التي جاءت لتكون حجر الزاوية في تنظيم وتطوير هذا القطاع الحيوي..فالهيئة لاتقتصر جهودها على دعم التصنيع المحلي العسكري فحسب، وإنما تسعى كذلك إلى توطين المعرفة ونقل التكنولوجيا، وتحفيز الابتكار، وفتح آفاق واسعة لتوفير فرص عمل نوعية لأبناء وبنات الوطن..ووجود مثل هذه المؤسسة يعكس جدية المملكة في بناء منظومة دفاعية متكاملة، تنبع من الداخل، وتعتمد على كفاءات سعودية مؤهلة قادرة على مجاراة كبريات الصناعات العالمية.
ويحظى هذا القطاع الاستراتيجي بدعم كبير من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وليس هذا الدعم مجرد دعم إداري أو مالي، بل هو رهان وجودي واستراتيجي على الصناعات العسكرية باعتبارها إحدى ركائز حماية الوطن وضمان سيادته.
وقد كان الأمير محمد بن سلمان، بصفته مهندس رؤية 2030، حريصاً على وضع هذا القطاع في قلب مشروع التحول الوطني، تقديراً لأبعاده الاقتصادية والأمنية والسيادية في آن واحد.
وبالنسبة لي كمواطن سعودي مخلص لوطنه وقيادته، أتاح لي القدر زيارة الهيئة العامة للصناعات العسكرية، وكانت تجربة فريدة لاتُنسى.. دخلت المكان وأنا أحمل تصوراً تقليدياً عن الصناعات العسكرية، لكنني خرجت مفعماً بانبهار وفخر لايوصف..لقد رأيت بعيني شباباً وشابات سعوديين يعملون بكفاءة عالية، في بيئة متقدمة تقنياً، بين مرافق تضاهي كبرى المصانع العالمية..لم يكن الأمر مجرد آلات وأجهزة، بل كان انعكاساً لروح وطنية متقدة وشغف صادق ببناء مستقبل مشرق للمملكة.
لقد شعرت أثناء تلك الزيارة أن هذه الهيئة ليست فقط موضع فخر لكل سعودي، بل هي موضع اعتزاز لكل عربي ومسلم يرى في المملكة قلعة للعزّة والكرامة..فما يُنتَج داخل جدرانها يتجاوز كونه صناعة عسكرية إلى أن يكون تجسيداً لهوية وطنية وانتماء عميق لأرض ومصير مشترك..إنها رسالة واضحة بأن الأمم قادرة على النهوض حين تتسلح بالإرادة، وأن الاعتماد على الذات ليس حلماً بعيداً، بل حقيقة تتجسد يوماً بعد آخر.
ومع هذا الإعجاز الوطني، يؤلمني أن أقول إن الإعلام لم يمنح هذه الإنجازات القدر الكافي من التغطية والاحتفاء..ففي زمن تتسابق فيه المنصات على نشر الأخبار السطحية، تغيب عن الواجهة قصص النجاح الكبرى التي تُصنع بجهد وإخلاص أبناء الوطن..ليس كافياً أن ننجز، بل يجب أن نُعرّف العالم بما ننجزه، وأن نغرس في نفوس شبابنا شعلة الفخر والانتماء من خلال تسليط الضوء على هذه المشاريع الوطنية الاستثنائية.
. إن الصناعات العسكرية في مملكتنا الغالية ليست مجرد مصانع أو خطوط إنتاج للأسلحة، بل هي قصة وطن يكتب فصولاً جديدة في مسار التقدم والتمكين..والهيئة العامة للصناعات العسكرية تمثل أحد أعظم تجليات هذه القصة، قصة تستحق أن تُروى وتُحتفى بها على أوسع نطاق، وأن تُدرّس للأجيال القادمة كنموذج للنجاح الوطني الأصيل الذي يترجم الرؤية إلى واقع، والطموح إلى إنجاز، والحلم إلى حقيقة راسخة.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *