حب الوطن مسؤولية الجميع
حب الوطن مسؤولية الجميع

حب الوطن لايُزرع في القلوب بالكلمات وحدها، ولا يقتصرعلى الشعارات والأهازيج، بل يتكون بالتجربة، ويُصقل بالمواقف، ويُترجم بالسلوك اليومي..وحين نسعى لغرس هذا الحب في نفوس أطفالنا وأبنائنا، فإن البداية يجب أن تكون من تفاصيل الحياة الصغيرة.. من لحظة رفع العلم صباحاً في ساحات المدارس، من القصص التي يرويها الأجداد قبل النوم عن مسيرة الكفاح والبناء، ومن مشاهد الفخر التي يعيشها الطفل حين يرى والده يساهم في خدمة الوطن، أو حين تعبر والدته عن اعتزازها بانتمائها لهذه الأرض المباركة.
إن التربية الوطنية الحقة ليست دروساً تُلقن، بل حياة تُعاش، ومواقف تُحس، وممارسات تُحاكى.
ومن المهم أن نربط بين حب الوطن وحب القادة وولاة الأمر -رعاهم الله- لا من باب التقديس، بل من باب الفهم والوعي.. فعندما نتحدث مع أبنائنا عن جهود خادم الحرمين الشريفين وولي عهدنا الأمين، لاينبغي أن نكتفي بسرد الإنجازات العظيمة، بل يجب أن نوضح أثر هذه الإنجازات في حياتهم اليومية، وكيف أن المشاريع العملاقة التي تُطلق تسهم في تحسين التعليم، وتطوير الرعاية الصحية، وتوفير فرص العمل. (وهذا ما أحرص عليه شخصياً مع ابني مشعل)، فعندما يرى الطفل أن القائد يعمل من أجله ومن أجل مستقبله، يشعر بالانتماء الحقيقي، وينشأ وهو يحمل احتراماً عميقاً وولاءً صادقاً لمن يقود سفينة الوطن بحكمة واقتدار.
إن الدفاع عن الوطن لايتحقق بالسلاح وحده، بل يبدأ بالفكر، وبالكلمة الصادقة، وبالموقف المسؤول..علينا أن نربّي أبناءنا على أن كل من يحاول النيل من وطنهم هو عدو، وأن حماية الوطن واجب مقدس لايُؤجل ولايُساوم عليه..نعلّمهم أن الأمن ليس مسؤولية الأجهزة الرسمية وحدها، بل مسؤولية مجتمع بأسره وكل مواطن صغيراً كان أو كبيراً..فالإبلاغ عن أي خطر أو تجاوز يُعد عملاً بطولياً، أما الصمت عن الأخطاء فهو خيانة بصمت، لكنها لاتقل فداحة عن الخيانة المعلنة.
ولكي تُرسخ هذه القيم، علينا أن نُظهر لأطفالنا وأبنائنا جوانب قوة وطنهم بصدق ووضوح، لابالمبالغة، بل بالحقائق الملموسة. نحدثهم عن نعمة الأمن التي نعيشها، وعن الأمان الذي يدركون قيمته كلما غادروا حدود الوطن، وعن الاستقرار الذي يغبطنا عليه كثيرون حول العالم..نعلّمهم أن السلبيات موجودة كما هي موجودة في كل مكان في العالم، لكنها لاتقارن بما تعانيه دول أخرى، حتى تلك التي تُصنَّف متقدمة.. نوضح لهم أن النقد البنّاء سلوك حضاري مطلوب، بينما جلد الذات مرفوض، وأن حب الوطن لايعني إنكار العيوب، بل يعني السعي إلى إصلاحها والارتقاء بالأفضل.
لقد أصبحت بلادنا مضرب مثل في الأمن، وفي تلاحم القيادة مع الشعب، وفي انفتاح المسؤولين على الناس دون حواجز.. وهذا الانفتاح لابد أن يُشرح للأجيال، ليعلموا أن صوتهم مسموع، وأن رأيهم مُقدّر، وأنهم جزء أصيل من هذا الوطن، لامجرد مقيمين فيه..فعندما يشعر الابن أو الابنة بأن له دوراً، وأن كلمته مؤثرة، وأن سلوكه يصنع فرقاً، يتحول حب الوطن من مجرد شعور غامض إلى ممارسة عملية، ومن انتماء إلى مسؤولية واعية.
وهكذا، نُنشئ جيلاً لايردد شعارات محفوظة، بل جيلاً يعيشها واقعاً، ويؤمن بها وجداناً، ويدافع عنها بكل مايملك من ولاء وحب وإخلاص..جيل يعرف أن حب الوطن التزام وفعل، أكثر مما هو كلمات.