الأمير محمد بن سلمان يحول الاستثمار إلى هوية وطنية

الأمير محمد بن سلمان يحول الاستثمار إلى هوية وطنية

شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تحولاً اقتصادياً بالغ الأهمية وغير مسبوق، شكّل فيه صندوق الاستثمارات العامة محوراً رئيسياً لهذا التحول..هذا الصندوق الذي تأسس عام 1971، أعيد بناء رؤيته الاستراتيجية وأهدافه الوطنية بصورة جذرية تحت إشراف مباشر ورعاية مستمرة من سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي آمن بضرورة أن يكون مستقبل المملكة قائماً على تنويع مصادر الدخل واستثمار الفرص الواعدة، محلية كانت أم عالمية، بعيداً عن الاعتماد المطلق على النفط وحده.
لم يعد الصندوق مجرد كيان مالي أو مؤسسة لإدارة الأصول فحسب، بل أصبح اليوم أحد أهم الأدوات الوطنية لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030..لقد تحول إلى محرك رئيسي لدفع عجلة النمو، ورمز ملهم يبرهن على كيفية بناء اقتصاد معاصر ومتنوع يمكّن الدولة من الانطلاق إلى مصاف الدول المتقدمة..ومايميز هذا التحول الكبير أن الأمير محمد بن سلمان لم يكتف بتقديم الغطاء السياسي والدعم الاستراتيجي، بل أولى اهتماماً شخصياً ومتابعة دقيقة لتفاصيل عمل الصندوق، بدءاً من اختيار المشاريع الاستثمارية وصولاً إلى مراجعة الأداء..هذا الإشراف المباشر عزّز من ثقة المستثمرين المحليين والخارجيين في قدرة المملكة على إدارة استثماراتها بحرفية وكفاءة عالية.
لقد أسهم الصندوق بفعالية في إعادة تشكيل ملامح الاقتصاد السعودي عبر ضخ استثمارات واسعة في قطاعات متعددة؛ من السياحة والترفيه، إلى التقنية والطاقة المتجددة، مروراً بالبنية التحتية والرياضة..ولم تكن هذه الاستثمارات مجرد أرقام مالية جامدة، بل حملت في جوهرها رسالة واضحة مفادها أن المملكة قادرة على أن تكون لاعباً مؤثراً عالمياً في طيف متنوع من المجالات، وأن اسم المملكة العربية السعودية يمكن أن يُقرن بالابتكار والتطور،لابالنفط وحده..ومن خلال هذه المشاريع، ارتفع حضور المملكة في المحافل الاقتصادية الدولية، وأصبحت وجهة واعدة وجاذبة لرؤوس الأموال العالمية والخبرات المرموقة.
ولايمكن الحديث عن نجاحات الصندوق المتواصلة دون التطرق إلى كفاءة محافظه معالي الأستاذ ياسر الرميان، الذي قاد المؤسسة بمهنية عالية وبصيرة اقتصادية عزّزت موقعها الدولي. فقد استطاع تحت قيادته أن يوسّع نطاق استثمارات الصندوق عالمياً، مستهدفاً مشاريع وشركات ذات قيمة مضافة تسهم في بناء اقتصاد مستدام وعوائد قوية..كما أولى اهتماماً كبيراً ببناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات مالية واستثمارية كبرى على المستوى الدولي، مما عزز مكانة الصندوق باعتباره مستثمراً موثوقاً ذا تأثير معتبر في حركة الاقتصاد العالمي.
. إن الفكرة الجوهرية التي انطلق منها هذا التوجه الإصلاحي تكمن في إدراك القيادة السعودية أن الاعتماد على النفط وحده لم يعد خياراً ممكناً..فالتحولات الجيوسياسية العالمية، والتغيرات في السياسات البيئية، والتقلبات الدائمة في أسعار النفط، فرضت على المملكة حتمية البحث عن بدائل اقتصادية مستدامة..وهنا كان الدور الحاسم لصندوق الاستثمارات العامة في أن يصبح أداة محورية لبناء اقتصاد متوازن وقوي، يوفّر قدراً عالياً من الاستقرار ويضمن النمو لأجيال الحاضر والمستقبل.
هذه الرؤية لم تبقِ حبيسة التخطيط النظري، بل جرى تجسيدها واقعاً ملموساً في مشاريع ضخمة مثل نيوم، والقدية، ومشروع البحر الأحمر..هذه المشاريع العملاقة ليست مجرد خطط عمرانية أو استثمارية، بل هي واجهات حضارية تعكس طموح المملكة في أن تضع نفسها في الصفوف المتقدمة للدول المتطورة، مستندة إلى مقوماتها البشرية، ومقدراتها الطبيعية، وإرادتها القيادية الطموحة.
. إن قصة صندوق الاستثمارات العامة هي في جوهرها قصة إصلاح ورؤية، قصة جرأة على التغيير، وقيادة تؤمن بضرورة تجاوز المألوف، وشعب يملك الإرادة للسير نحو مستقبل أفضل. ومايتحقق اليوم هو البداية فقط، فالمستقبل يحمل بين طياته إنجازات أعظم يُنتظر أن تُسجل باسم المملكة، بفضل رؤية الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-وجهود فرق العمل الوطني، وإيمان السعوديين بأن وطنهم قادر، بعقولهم وعزيمتهم، على بناء اقتصاد ينطلق من الطموح والعمل المستمر، لامن النفط فحسب، ليصبح الاستثمار هوية وطنية راسخة تميز المملكة في حاضرها ومستقبلها.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *