باعوا أوطانهم وهاجمونا
باعوا أوطانهم وهاجمونا

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتشابك المصالح، برزت ظاهرة غريبة لايمكن التغاضي عنها شعوب هجرت أوطانها، وتخلّت عن قضاياها، ثم اختارت أن تُوجّه سهامها نحو المملكة العربية السعودية..وكأنها وجدت في مهاجمة هذا الوطن سبيلاً لتفريغ عجزها، أو ستاراً لتبرير إخفاقاتها..هؤلاء لايتحدثون عن تحرير بلدانهم التي مزقتها الحروب أو أنهكتها الفوضى، ولايسعون إلى بناء مستقبل لأوطانهم، بل يكتفون بتغريدات جوفاء وشعارات فارغة، يطلقونها من وراء الشاشات في عواصم بعيدة، فيما تغرق أوطانهم في الظلام.
المملكة العربية السعودية، التي باتت اليوم نموذجاً يُحتذى به في التنمية والاستقرار،
لاتُهاجَم لأنها أخطأت، بل لأنها نجحت. نجاحها يزعج أولئك الذين اعتادوا على الفوضى، ويُحرج من فشل في تحقيق إنجازات حقيقية داخل بلده..فبدلاً من أن يلتفتوا إلى إصلاح أوضاعهم الداخلية، أو أن يطالبوا بتحقيق مصالح شعوبهم، اختاروا الطريق الأسهل مهاجمة المملكة، والتشكيك في توجهاتها، والتقليل من إنجازاتها. وكأن تغريدة ساخرة أو مقطع مصوّر قادر على إسقاط مشروع وطني أو إضعاف إرادة شعب صامد.
والمُستغرب أن بعض هؤلاء لايكتفون عند حدود النقد، بل يذهبون إلى أبعد من ذلك؛ يبيعون مواقفهم لمن يدفع أكثر، ويصطفون طائعين خلف أجندات لاتخدم سوى مصالح خارجية..تراهم يروّجون روايات مشبوهة، ويعيدون إنتاج خطاب الكراهية، ويبررون التحريض، وكأنهم تحولوا إلى أدوات في يد كل من يسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة.
والمفارقة المؤلمة أن كثيراً من هؤلاء ينتمون إلى شعوب عانت مرارة الاحتلال أو القمع أو التهجير، ومع ذلك لايوجّهون أي لوم للذين تسببوا في مآسيهم الحقيقية، بل يختارون السعودية هدفاً دائماً لحملاتهم، رغم أنها لم تكن يوماً طرفاً في مأساتهم ولاسبباً لمعاناتهم.
إن هؤلاء لايملكون مشروعاً ولايحملون رؤية، ولا يسعون إلى بناء أو إصلاح..جلّ مايفعلونه هو الصراخ والشتم والاتهام، ثم يعودون أدراجهم إلى الصمت، منتظرين فرصة أخرى لإطلاق ضجيجٍ جديد.
وفي المقابل، تمضي مملكتنا الحبيبة في طريقها الواضح تبني، وتطور، وتُحدث فرقاً في حياة شعبها، وتُسهم في استقرار المنطقة. وهي لا تلتفت إلى الضجيج، ولاتتوقف عند الصغائر، لأنها تؤمن أن الفعل أبلغ من القول، وأن الإنجاز هو الردّ الأقوى على كل حملات التشويه.
.من المؤسف أن تتحول أصوات بعض أبناء الأمة إلى أدوات هدم بدلاً من أن تكون أدوات بناء، ومن المؤسف أكثر أن يُستغل الإعلام الجديد لنشر الكراهية عوض أن يكون منصة للحوار والتقارب والإصلاح..لكن السعودية، برؤيتها الطموحة وثباتها، تُثبت كل يوم أنها أكبر من كل تلك الحملات، وأقدر على تحويل التحديات إلى فرص، والشتائم إلى دافع إضافي لتحقيق المزيد من التقدم.
وأخيراً، يبقى السؤال مطروحاً:
ماذا لو وجّه هؤلاء طاقاتهم نحو تحرير أوطانهم بدلاً من مهاجمة السعودية؟
ماذا لو كتبوا أغنية حب لوطنهم بدل أن يغرّدوا ضد وطن استقراره يوجعهم؟
ماذا لو اختاروا الكرامة بدلاً من الارتهان للغير؟
الإجابة واضحة، لكنها تتطلب جرأة وشجاعة لايملكونها.