من سيف التوحيد إلى آفاق الرؤية
من سيف التوحيد إلى آفاق الرؤية

في بداياتها، لم تكن المملكة العربية السعودية كما نراها اليوم..كانت أرضًا متفرقة تنهشها النزاعات القبلية، وتغشاها الفوضى، وتفتقد الأمن والأمل.
كانت الرمال شاهدة على التشرذم، والسماء تترقب بإنتظار من يبعث الحياة في هذا الجزء من العالم..وفي لحظة فارقة، نهض فارس من قلب نجد، يضيء الإيمان عينيه، ويملأ العزم صدره، ويحمل في يده سيفًا لا يعرف التراجع. إنه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- صانع الوحدة وباني المجد.
لم يكن توحيد الجزيرة رحلة يسيرة في التاريخ، بل كان ملحمة شجاعة وصبر وحنكة..سار الملك عبد العزيز فوق الرمال التي لم تعرف سوى صليل السيوف وأصوات الخيل، فحوّلها إلى أرض تسمع نداء الأذان، وصوت العلم، ونبض الحياة. لم يقاتل ليقهر، بل ليجمع القلوب، ويغرس في النفوس معنى الوطن..لم يكن حلمه سلطة أو حكماً بل وحدة وراية واحدة تجمع الشتات، ولحمة لاتنفصم.
وبعد أن أرسى دعائم الدولة، لم يكتفِ بالسيطرة على الأرض، بل بدأ ببناء الإنسان..فتح أبواب التعليم، وأقام المؤسسات، وربط أرجاء المملكة بأنظمة حديثة وعلاقات متينة..كان يدرك -رحمه الله- أن الأوطان لاتُبنى بالسيف وحده، بل بالعلم والعدل والعمل. ومن بعده، واصل أبناؤه مسيرة البناء، كلٌ يضيف لبنة جديدة حتى وصلت المملكة إلى عهد مختلف في كل تفاصيله.
في العهد الزاهر لسيدي ومولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- بلغت السعودية قمة النضج السياسي والإداري، واتسمت بالحنكة والاتزان..(سلمان الحزم والعزم) ليس ملكاً فحسب، بل رجل دولة يعرف تفاصيل وطنه كما يعرف نبض قلبه..لم يكن غريباً عن الحكم؛ فقد عايشه وخبره، وحين تسلم القيادة، انطلق من حيث توقف السابقون، فاختصر الوقت، وتجاوز التحديات، وأطلق الوطن نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
وبجوار الملك سلمان -رعاه الله- ينهض المجدد وصانع الرؤية، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -وفقه الله- لم يكن امتداداً تقليدياً بل كان فكراً ثورياً ورؤية استثنائية، وطموحاً لايعرف المستحيل..أدرك أن المملكة تستحق مكانة أعظم، وأن المواطن يستحق الأفضل، وأن العالم يجب أن يرى السعودية الجديدة..فانبثقت رؤية 2030، وانطلقت مشاريع التحول، والمدن الذكية، والقفزات الاقتصادية، حتى صارت المملكة نموذجاً عالمياً.
الأمير محمد بن سلمان لايعرف التردد، بل يختار الحسم..لاينتظر الإجماع، بل يصنعه..في عهده، أصبحت المرأة شريكة فاعلة، والشباب قادة في الابتكار، والمواطن محور كل قرار..الوطن لم يعد مجرد أرض، بل فكرة ملهمة، ورسالة تُصدَّر، وتجربة تُحتذى.
وفي ظل قيادة (سلمان ومحمد) لم تُمحَ الجذور، بل ازدادت رسوخاً..لم يغب تاريخ الملك المؤسس عبد العزيز -رحمه الله- بل غدا منارة تضيء الطريق..فالوحدة التي أسسها بالسيف، أصبحت اليوم وحدة في الرؤية والغاية والمصير..والأرض التي كانت صحراء قاحلة، صارت عامرة بالمدن، مراكز للحضارة، ومنارات للعلم.
وحين يحتفل السعوديون بيومهم الوطني، فإنهم لايستذكرون حدثاً عابراً بل يحيون مسيرة بدأت بسيف وراية، واستمرت بحكمة وعقل، وتكتمل اليوم بطموح يتجاوز الحدود..يحتفلون بمؤسس وحّد، وبملك ثبت، وبولي عهد نهض، وبوطن لايشبه إلا نفسه.
هنيئاً للملكة العربية السعودية هذا المجد، وهنيئاً للتاريخ بهذه الصفحة المضيئة، وهنيئاً للإنسان السعودي بهذا الوطن الذي لايشيخ، بل يتجدد ويزدهر عاماً بعد عام.