الخليج العربي حينما تصبح الوحدة حصانة للتقدم

الخليج العربي حينما تصبح الوحدة حصانة للتقدم

في قلب شبه الجزيرة العربية، ينبض الخليج العربي ككيان حيوي يحمل تاريخاً عريقاً وثقافة متجذرة وثروات لاتُحصى..ومع هذا الثراء الهائل ولله الحمد، تتزايد الحاجة إلى وحدة خليجية حقيقية لاتقتصرعلى الشعارات والاجتماعات الدورية، بل تكون وحدة متكاملة في الرؤية والمصير، تضع أمن الخليج واستقراره فوق كل اعتبار، وتحميه من الأطماع الخارجية التي تحيط به من كل جانب.

إن الدعوة إلى الوحدة الخليجية ليست ترفاً سياسياً، بل ضرورة وجودية في عالم مضطرب تتغير فيه التحالفات وتتداخل المصالح وتتكاثر الأطماع. فمكانة الخليج العربية الاستراتيجية ووفرة ثرواته الطبيعية جعلاه هدفاً لأنظار القوى الإقليمية والدولية، بعضها يسعى للتعاون، وبعضها الآخر يخفى وراء وُدّه نوايا توسعية وتدخلية..هذه الأطماع متعددة الأساليب، وهدفها الأساسي زعزعة استقرار الخليج العربي والنيل من سيادته، والتأثير على قراره المستقل.

من أبرز التحديات التي تواجه الخليج العربي اليوم وجود دول غير أمينة في الجوار، تتقن فن التلون السياسي، تظهر الود ظاهرياً وتضمر العداء سراً..دول تدعم الجماعات المتطرفة، وتتدخل في الشؤون الداخلية، وتسعى للتأثير على الرأي العام الخليجي عبر أدوات إعلامية مشبوهة..هذه الدول لاتحترم مبدأ حسن الجوار ولا الأعراف الدولية، بل ترى في الخليج فرصة لتحقيق مصالحها الضيقة على حساب أمنه واستقراره.

لهذا، تبرز أهمية الوحدة الخليجية كدرع واقٍ يوجه هذه التحديات. لاتقتصر الوحدة على التنسيق الأمني والاقتصادي، بل تمتد لتشمل التكامل السياسي، وتوحيد المواقف في المحافل الدولية، وتبني رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة. إن إنشاء جيش خليجي موحد، وتفعيل السوق الخليجية المشتركة، وتوحيد السياسات التعليمية والإعلامية ليست أفكاراً طموحة فحسب، بل خطوات ضرورية لترسيخ الوحدة وتحقيقها على أرض الواقع.

لكن الوحدة لاتُبنى فقط على المصالح، بل تحتاج إلى إرادة صادقة، ووعي شعبي، وثقة متبادلة بين القيادات والشعوب..يجب أن يشعر المواطن الخليجي، أينما كان، بأن أمنه مرتبط بأمن شقيقه في الدولة المجاورة، وأن رفاهيته جزء من رفاهية الخليج العربي كله، وأي تهديد يطال جزءاً من الخليج هو تهديد للجميع.

هذه الروح الجماعية هي التي تصنع الوحدة الحقيقية وتجعلها صلبة ضد التفتت والاختراق (لاقدر الله).

ولا يمكن الحديث عن الخليج العربي دون ذكر الحاسدين والحاقدين الذين يزعجهم هذا التقدم ويقلقهم استقراره، ويحسدون رفاهية المواطن الخليجي..هؤلاء لايملون من بث الشائعات، وترويج الأكاذيب، ومحاولة تشويه الصورة الزاهية التي رسمها الخليج عبر سنوات من العمل الجاد والتخطيط الحكيم..إنهم لايهاجمون الخليج العربي لأنه أخطأ، بل لأنهم عاجزون عن اللحاق به، ونجاحه يكشف فشلهم، واستقراره يكشف اضطرابهم.

ورغم كل هذه التحديات، يبقى الخليج العربي شامخاً، متماسكاً، قادراً على تجاوز المحن بشرط إدراك أبنائه أن وحدتهم هي السبيل الوحيد لحماية مكتسباتهم، وصون أمنهم، وضمان مستقبلهم..فالوحدة ليست خياراً، بل قدر لامفر منه، قدر يصنعه العقلاء، ويحميه الأوفياء، ويخلده التاريخ.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *