بعض الناس يقولون لعنة الجوال لأنه إختراع خطر على اخلاق الشباب ولايرون من هذا الإنجاز العلمي الا هذا الجانب القاتم! وقد خلق الله سبحانه وتعالى يد الإنسان فبنت وأرتفعت بالبناء وعمرت الدنيا وأبدعت وكتبت ونظمت وعزفت الموسيقى..ووفق آراء أعداء (الجوال) فان هذه اليد تستحق قطعها لأنها تقتل وتسرق وتسبب أذى عظيماً لأن البعض يستخدمه بطريقة سيئة.
وفي القرون الوسطى شن رجال الدين حـربـاً رهيبة عند ظهور الكتاب المطبوع وقالوا انه سوف يلهي الناس عن العبادة واشترك الأقطاعيون في الحرب ضد الكتاب لأنه سوف يصرف الناس عن العمل! ولما أنتشر الكتاب وأدرك الناس قيمته بدأت حرباً جديدة ضد ظهور الصحف لأنها ستقتل الكتاب وعندما تم بناء برج القاهرة أنتحر من فوقه شخص متزوج فنادى البعض بهدم البرج ودارت المناقشات تبحث هل الأبراج وجدت قبل إختراع الأنتحار؟ أم أن الإنتحار تم اختراعه قبل الأبراج؟ أم أن الأبراج تحرض المتزوج على الخلاص من الحياة؟
وبعد ظهور السينما وإنتشار دور العرض أرتفعت الأصوات تلطم وتبكي وتعلن عن ظهور تلميذ العصر السينمائي الذي يقفز من سور المدرسة ليذهب الى حفلة الساعة العاشرة صباحاً فلما أصبحت الدراسة صباحية ومسائية طلب البعض بإغلاق دور السينما حماية لتلميذ العصر السينمائي!
ولما ظهر التليفزيون قالوا أن الأزواج أصيبوا بالخرس في البيت بسبب مشاهدته مع أن الزوج مخروس دائماً منذ أن كان يجلس مع زوجته في كهف العصر الحجري!
وتوالت الإتهامات للتليفزيون..قيل أنه يسبب العته والبــلاهـة للناس بمسلسلاته النكدية..ثم أتضح أن الناس يحبون النكد بدليل أنهم يتزوجون طواعيه..واذا أمتد إرسال التليفزيون الى مــا بعــد منتصف الليل قالوا ان الناس تسهر الى ساعة متأخرة فلا تنهض للعمل بنشاط في الصباح.. واذا انتهى ارساله مبكراً قالوا سيزيد النسل بسبب إغلاق التلفزيون بساعة مبكرة.
ولما اخترع (جراهام بل) التليفون في امريكا وانشئت شركة بل للتليفونات شنت الدعاية للإختراع الجديد حرباً رهيبة ضد السكة الحديدية فكانت الإعلانات تقول:
لاتسافروا بالقطار لزيارة أقاربكم تكلموا بالتليفون فهذا أفضل كثيراً لأن السكة الحديد كلها حوادث فأنت تستطيع تسمع صوت ابنك في نيويورك وأنت داخل فراشك الدافىء في سان فرانسسكو اليس هذا أفضل من أن يصبح ابنك يتيماً بعد أن ينقلب بك القطار؟
وأشتدت الحملات على القطار وترددت إشاعات وأقاويل وتحدثوا عن القطار الذي خطف خمسة ركاب من مقصورتهم ودخل يأكلهم في النفق!
مدونة فهد الحربي : لعنة الجوال
