الإمارات والطابور الضائع وسط الزحام

الإمارات والطابور الضائع وسط الزحام

في المشهد العربي والإسلامي كثيراً ما نرى ازدحاماً في الخطابات والشعارات لكن وسط هذا الزحام يطل طابور غريب..طابور لايعرف له الناس ملامح واضحة وكأنه ضائع يبحث عن مكان لا يخصه.
هذا الطابور يتسلل إلى كل حدث سواء كان سياسياً أو ثقافياً أو دينياً، محاولاً أن يفرض حضوراً غير طبيعي عبر تكرار اسم الإمارات في سياقات لا علاقة لها بالموضوع..الأمر يبدو وكأنه محاولة مقصودة لتطبيع صورة معينة، وكأن هناك من يريد أن يربط كل صغيرة وكبيرة بهذا الاسم، حتى لو كان الحدث بعيداً تماماً عن أي ارتباط منطقي.
اللافت أن هذا السلوك لا يأتي بشكل فردي أو عفوي بل يبدو منظماً، وكأنه جزء من شبكة تعمل على إعادة إنتاج خطاب محدد..هذه الشبكة تشبه القروبات المغلقة التي تجمع أشخاصاً يحملون نزعات حاقدة أو مشردة أو حتى إرهابية، حيث يتم تبادل الأفكار المسمومة وتنسيق الجهود لنشرها في كل مساحة عامة.
ما يحدث هنا ليس مجرد ذكر عرضي لدولة بل هو محاولة لإقحامها في الوعي الجمعي بطريقة خبيثة وكأنها محور الأحداث بينما الواقع مختلف تماماً.
هذا الطابور الضائع يخلق حالة من التشويش، لأنه يسرق الانتباه من القضايا الحقيقية التي يفترض أن تكون محور النقاش..عندما يجتمع الناس حول قضية عادلة أو مناسبة دينية أو حدث ثقافي يتسلل هذا الخطاب ليعيد إنتاج نفسه فيتحول المشهد من مساحة للتضامن إلى ساحة للتكرار الممل..التكرار هنا ليس بريئاً، بل هو أداة دعائية قديمة، تعتمد على أن كثرة الترديد تجعل الأكاذيب تبدو وكأنها حقائق.
لكن الجماهير العربية والإسلامية ليست غافلة، فهي قادرة على التمييز بين الخطاب الصادق والخطاب المصطنع ومع ذلك، فإن استمرار هذا الطابور في محاولاته يفرض تحدياً، لأنه يسعى إلى إرباك المشهد وإلى خلق حالة من الضبابية تجعل من الصعب التركيز على القضايا الجوهرية. هنا يظهر دور المثقفين والإعلاميين والفاعلين الاجتماعيين الذين تقع على عاتقهم مسؤولية كشف هذه المحاولات وتوضيح أهدافها حتى لاتتحول إلى جزء من الخطاب السائد.
إن أخطر ما في هذا الطابور أنه يحاول أن يلبس نفسه ثوب الشرعية فيظهر وكأنه يعبر عن رأي عام بينما هو في الحقيقة مجرد مجموعة منظمة تسعى إلى فرض أجندة محددة..هذا التزييف يهدد مصداقية النقاشات العامة ويجعل من الضروري أن يكون هناك وعي نقدي قادر على فرز الغث من السمين وعلى مواجهة هذه المحاولات بصلابة.
الطابور الضائع وسط الزحام ليس مجرد ظاهرة عابرة بل هو انعكاس لصراع أعمق حول الهوية والسردية والسيطرة على الفضاء العام..محاولات تطبيع اسم الإمارات بشكل خبيث في كل مناسبة ليست بريئة بل هي جزء من مشروع يسعى إلى إعادة تشكيل الوعي الجمعي بما يخدم أهدافاً محددة.
مواجهة هذا المشروع تتطلب وعياً جماعياً، وقدرة على كشف الأقنعة وإصراراً على حماية الفضاء العربي والإسلامي من التلاعب والتزييف.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *