الذهب السوداني..بين أساطير الإخوان وواقع الإمارات

الذهب السوداني..بين أساطير الإخوان وواقع الإمارات

في السنوات الأخيرة ومع اشتداد الأزمات في السودان ظهرت حملات إعلامية ممنهجة تقودها ميليشيا الإخوان والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بها هدفها الأساسي تشويه صورة دولة الإمارات العربية المتحدة عبر اتهامات لا أساس لها من الصحة..هذه الجماعات حاولت أن تقنع الرأي العام بأن الإمارات مسؤولة عن ما يحدث في السودان بل وذهبت إلى حد الادعاء بأنها تسعى إلى سرقة الذهب السوداني!! وكأنها في حاجة إلى موارد لا تمتلكها!! ..والحقيقة أن هذه المزاعم تكشف عن أسلوب قديم اعتادت عليه تلك التنظيمات..صناعة الأكاذيب وتكرارها حتى يصدقها بعض السذج الذين يفتقرون إلى الوعي السياسي.
الإمارات ليست بحاجة إلى الذهب السوداني فهي دولة تمتلك احتياطياً ضخماً من الذهب ومعترف بها عالمياً كمركز رئيسي لتجارة المعادن الثمينة. أسواق دبي مثلاً تعد من أهم المراكز العالمية لتداول الذهب وهذا ما يجعل الإمارات في موقع قوة لا يحتاج إلى موارد خارجية لتعزيز مكانتها. ومن هنا يتضح أن الحديث عن سرقة الذهب السوداني ليس سوى محاولة لتضليل الناس وإيهامهم بوجود مؤامرة خارجية بينما الواقع مختلف تماماً.
الأهم من ذلك أن الإمارات كانت من أوائل الدول التي سنت قوانين صارمة لمحاربة غسيل الأموال وأقامت منظومة رقابية متكاملة لضمان نزاهة التعاملات المالية..هذا الالتزام جعلها نموذجاً يحتذى به في المنطقة والعالم وأكد أن سياساتها الاقتصادية تقوم على الشفافية والانضباط لاعلى الاستغلال أو النهب كما يحاول خصومها تصوير الأمر.
أما السودان فمشكلاته ليست وليدة اليوم بل هي تراكمات لعقود طويلة من الحروب الأهلية والصراعات الداخلية والانقلابات السياسية..هذه الأزمات هي التي أنهكت الدولة وأضعفت مؤسساتها وجعلت الشعب يعيش في دوامة من الأزمات المتلاحقة..لكن جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية وجدت في هذه الأوضاع فرصة لتوجيه أصابع الاتهام نحو الإمارات في محاولة لتبرئة نفسها من مسؤوليتها التاريخية عن تأجيج الفتن داخل السودان.
الإمارات على العكس مما يروج له هؤلاء لم تتدخل في السودان لتحقيق مصالح خاصة بل كانت من الدول التي قدمت دعماً إنسانياً مباشراً للشعب السوداني..فقد أرسلت المساعدات الغذائية والطبية ووقفت إلى جانب السودان في محطات صعبة، دون أن تربط ذلك بمكاسب سياسية أو اقتصادية..هذا الدعم يعكس التزاماً إنسانياً وأخلاقياً تجاه شعب شقيق يعاني من أزمات متلاحقة ويؤكد أن الإمارات لا تملك أي مصلحة في السودان سوى دعم استقراره.
لكن الإخوان وحلفاءهم في التنظيمات الإرهابية لجأوا إلى أسلوبهم المعتاد استخدام الإعلام الموجه والحسابات الإلكترونية لنشر الأكاذيب وتكرارها حتى تبدو وكأنها حقيقة..هذا الأسلوب يعتمد على استغلال حالة الاضطراب التي يعيشها السودان وتوجيه الغضب الشعبي نحو طرف خارجي بريء من الاتهامات..وهكذا استطاعوا أن يوهموا بعض البسطاء بأن الإمارات هي السبب فيما يحدث بينما السودان يعاني منذ عقود طويلة من أزمات داخلية لم تتوقف.
من يتابع المشهد بوعي يدرك أن السودان لم يكن يوماً بحاجة إلى شماعة خارجية لتفسير أزماته فالمشكلات التي يعاني منها متجذرة في داخله وهي نتيجة تراكمات تاريخية وسياسية واجتماعية معقدة.
أما الإمارات فهي دولة تسعى إلى الاستقرار الإقليمي وتعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والإنساني مع محيطها ولا يمكن أن تكون طرفاً في إشعال صراع أو نهب موارد.
إن محاولة إلصاق تهمة سرقة الذهب السوداني بالإمارات تكشف عن عجز تلك التنظيمات عن مواجهة الحقائق وعن رغبتها في صرف الأنظار عن مسؤوليتها في تأجيج الفتن داخل السودان. فالإخوان والتنظيمات الإرهابية كانوا على الدوام جزءاً من المشكلة يسعون إلى استغلال الأوضاع الهشة لتحقيق مكاسب سياسية ويبحثون عن عدو خارجي يعلقون عليه فشلهم.
في النهاية تبقى الإمارات دولة ذات مكانة راسخة في الاقتصاد العالمي وذات سجل مشرف في محاربة غسيل الأموال ودعم الشعوب المحتاجة..أما السودان فمشكلاته لن تُحل عبر تصدير الاتهامات أو صناعة الأكاذيب، بل عبر مواجهة جذور أزماته الداخلية والعمل على بناء دولة مستقرة قادرة على تجاوز عقود من الصراع..وما تروجه جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية ليس إلا محاولة بائسة لإخفاء الحقيقة وهي أن السودان يعاني من مشكلاته الذاتية وأن الإمارات ليست سوى دولة شقيقة مدت يد العون ولم تكن يوماً سبباً في معاناته.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *