الشيخ عبدالله بن زايد مدرسة الدبلوماسية

الشيخ عبدالله بن زايد مدرسة الدبلوماسية

حين يُذكر اسم الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، تتجلى أمامنا صورة رجلٍ يحمل في ملامحه وقاره.. وفي صوته اتزاناً..وفي حضوره هيبة الدبلوماسي، وحنكة السياسي. ليس مجرد وزير للخارجية، بل هو مدرسة في الفهم العميق للعلاقات الدولية، وفي إدارة الملفات الحساسة، وفي تمثيل الإمارات بوجه مشرق أمام العالم..منذ أن تولى مسؤولياته، أثبت أنه ليس نتاج منصب، بل نتاج تربية، وامتداد لنهج راسخ في الحكمة والاتزان.
الشيخ عبدالله بن زايد لم يكن يوماً بعيداً عن نبض الوطن، بل كان في قلبه، وفي تفاصيله، وفي كل خطوة تخطوها الإمارات نحو المجد..تعلم من والده صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه – أن السياسة ليست مجرد قرارات، بل أخلاق، وأن الدبلوماسية ليست كلمات منمقة، بل مواقف ثابتة وأن القيادة
لاتُقاس بالسلطة، بل بالقدرة على التأثير، وعلى بناء جسور الثقة بين الشعوب.
منذ صغره، كان الشيخ عبدالله بن زايد قريباً من مجالس الحكمة، يستمع، يتأمل، ويختزن المعاني. لم يكن طفلاً عادياً، بل كان يحمل في عينيه نظرة الباحث، وفي قلبه شغف المتعلم..وحين شبّ، كان واضحاً أنه يسير على خطى الكبار، وأنه يحمل إرثاً ثقيلاً، لكنه أهل له..فحين تولى حقيبة الخارجية، لم يكن ذلك تكليفاً عادياً، بل كان اختياراً واعياً لرجل يعرف كيف يُحاور، وكيف يُقنع، وكيف يُدير الملفات المعقدة بحكمة وهدوء.
ولم يكن تأثير والده وحده ما شكل شخصيته، بل كان لأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- دورٌ كبير في صقل الحنكة السياسية، وفي تعميق الرؤية الاستراتيجية. فالعلاقة بينهما ليست علاقة أخوة فحسب، بل علاقة فكر، وتكامل، وتبادل خبرات..الشيخ محمد بن زايد، بما يحمله من رؤية ثاقبة، كان دائماً مصدر إلهام، والشيخ عبدالله كان دائماً منصتاً، متفاعلاً، ومبادراً.
في المحافل الدولية، يظهر الشيخ عبدالله بن زايد بصورة تليق بالإمارات، وبقيمها، وبمكانتها. يتحدث بلغة العقل، ويطرح المواقف بثقة، ويُدافع عن قضايا وطنه وأمته بجرأة ولباقة..لم يكن يوماً متردداً، ولم يكن يوماً باحثاً عن الأضواء، بل كان دائماً في قلب الحدث، يعمل بصمت، ويُنجز بكفاءة، ويُثبت أن الإمارات لاتختار إلا الأكفاء لتمثيلها.
ولعل أبرز ما يميز الشيخ عبدالله بن زايد هو قدرته على الجمع بين الصرامة والمرونة، بين الثبات والانفتاح، بين الدفاع عن الثوابت، والانفتاح على المتغيرات..فهو يدرك أن العالم يتغير، وأن السياسة تحتاج إلى ذكاء عاطفي، وإلى فهم عميق للثقافات، وإلى قدرة على بناء التحالفات دون التفريط في المبادئ..وقد نجح في ذلك بامتياز، حتى أصبح من أبرز الوجوه الدبلوماسية في العالم العربي بل وفي العالم أجمع.
الشيخ عبدالله بن زايد لايتحدث كثيراً عن نفسه، لكنه يترك بصماته في كل موقف، وفي كل لقاء، وفي كل بيان..هو رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يحمل همّ الوطن، ويُجيد التعبير عنه، ويُحسن الدفاع عنه، ويُكرّس وقته وجهده لخدمة دولة الإمارات العربية المتحدة ولتعزيز مكانتها، ولتوطيد علاقاتها مع العالم.
حين ننظر إلى مسيرته، ندرك أن الإمارات محظوظة بهذا القائد، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين الحكمة والحنكة، وبين الوفاء والانفتاح..هو ابن زايد الحكمة وتلميذ محمد بن زايد، وصوت الإمارات في العالم، ووجهها المشرق في الدبلوماسية، ورمزٌ من رموزها الذين يكتبون التاريخ بحروف من نور.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *