الإمارات وطن التسامح الحقيقي

الإمارات وطن التسامح الحقيقي

في قلب العاصمة أبوظبي، وعلى أرض عُرفت بالسلام والانفتاح، شُيّد بيت العائلة الإبراهيمية ليكون رمزاً عالمياً للتسامح والتعايش بين الأديان.
هذا المشروع الفريد لم يكن مجرد مبنى معماري، بل كان رسالة إنسانية عميقة، تنبع من رؤية دولة الإمارات التي آمنت بأن الاختلاف لايعني التنافر، وأن التعددية الدينية والثقافية يمكن أن تكون مصدر قوة لاسبباً للانقسام.
بيت العائلة الإبراهيمية يجمع في تصميمه ثلاث دور عبادة مسجد وكنيسة وكنيس، في تناغم معماري وروحي يعكس جوهر الفكرة التي انطلقت منها الإمارات، وهي أن الكون يتسع للجميع، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته الشهيرة.
هذه العبارة لم تكن مجرد شعار بل تحولت إلى واقع ملموس، يتجسد في هذا الصرح الذي يستقبل الزوار من مختلف أنحاء العالم، ويمنحهم فرصة للتأمل في جوهر الإنسانية بعيداً عن التعصب والانغلاق.
الإمارات، من خلال هذا المشروع، ضربت أروع الأمثلة في احترام الآخر، وأثبتت أن التعايش ليس مجرد فكرة مثالية، بل يمكن أن يتحقق حين تتوفر الإرادة الصادقة والرؤية الحكيمة.
لقد تجاوزت الإمارات في هذا الإنجاز حدود الجغرافيا والسياسة، ووضعت نفسها في موقع الريادة الأخلاقية، حيث باتت نموذجاً يُحتذى في بناء جسور التواصل بين الشعوب والأديان.
الإيجابيات التي يحملها بيت العائلة الإبراهيمية لاتُعد ولاتُحصى..فهو أولاً يعزز ثقافة الحوار، ويمنح الأفراد من مختلف الديانات مساحة آمنة للتعبير عن معتقداتهم دون خوف أو تهميش..كما أنه يرسّخ قيم الاحترام المتبادل، ويُعلّم الأجيال الجديدة أن الاختلاف لايعني العداء، بل يمكن أن يكون مدخلاً للفهم والتعاون..هذا المشروع أيضاً يساهم في محاربة التطرف، لأنه يضع أمام الجميع نموذجاً عملياً للتسامح، ويُظهر أن التعايش ليس ضعفاً، بل هو قوة حضارية تُبنى عليها الأمم.
من خلال بيت العائلة الإبراهيمية، قدمت الإمارات للعالم درساً في الإنسانية، وأكدت أن احترام الآخر لايتعارض مع الحفاظ على الهوية، بل يُعززها ويُثريها.
لقد استطاعت أن تخلق بيئة يتعايش فيها المسلم والمسيحي واليهودي جنباً إلى جنب، دون أن يشعر أحدهم بأنه غريب أو مهدد..هذا التوازن الدقيق لايتحقق إلا في المجتمعات التي تؤمن فعلاً بقيمة الإنسان، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو خلفيته.
الرسالة التي يحملها هذا المشروع تتجاوز حدود الإمارات، فهي دعوة مفتوحة لكل دول العالم كي تعيد النظر في مفاهيمها حول التعددية والتسامح. لقد أثبتت الإمارات أن السلام لايُفرض بالقوة، بل يُبنى بالثقة والاحترام، وأن التعايش لايحتاج إلى شعارات رنانة، بل إلى مبادرات واقعية تُترجم على الأرض..بيت العائلة الإبراهيمية هو تجسيد حي لهذه الفلسفة، وهو دليل على أالإمارات لاتتحدث عن السلام فقط، بل تصنعه وتعيشه وتُصدّره للعالم.
الشيخ محمد بن زايد، برؤيته الثاقبة، كان وراء هذا المشروع، مؤمناً بأن العالم يحتاج إلى نماذج جديدة تُعيد للإنسانية بريقها..كلمته (إن الكون يتسع للجميع) أصبحت عنواناً لمرحلة جديدة، تُبنى فيها العلاقات بين البشر على أساس الاحترام والتفاهم، لاعلى أساس الصراع والهيمنة..هذه الرؤية لم تكن نظرية، بل تحولت إلى واقع ملموس، يراه الزائر بعينيه، ويشعر به في تفاصيل المكان، وفي روح المبادرة التي تنبض بالحياة.
الإمارات، بهذا الإنجاز، لم تُرضِ فقط أبناءها، بل أبهرت العالم، وأكدت أن التنمية الحقيقية
لاتقتصر على الاقتصاد والبنية التحتية، بل تشمل بناء الإنسان، وتعزيز القيم، وترسيخ المبادئ التي تُحافظ على كرامة الفرد وتُعزز من مكانته.
لقد أصبح بيت العائلة الإبراهيمية وجهة لكل من يبحث عن الأمل، وعن نموذج يُثبت أن التعايش ممكن، وأن السلام ليس وهماً، بل خياراً قابلاً للتحقيق.
هذا المشروع هو انعكاس لسياسة دولة الإمارات التي تضع الإنسان في قلب أولوياتها، وتؤمن بأن احترام الآخر هو أساس الاستقرار، وأن بناء الجسور أهم من بناء الجدران..لقد نجحت الإمارات في تقديم صورة مشرقة عن العالم العربي، صورة تُظهر أن هذه المنطقة ليست فقط موطناً للتاريخ، بل أيضاً للحضارة والتقدم والانفتاح.
من ينظر إلى بيت العائلة الإبراهيمية، يدرك أن الإمارات لا تسير خلف العالم، بل تقوده نحو مستقبل أكثر إنسانية، وأكثر احتراماً للتنوع..هذا الصرح ليس مجرد مبنى، بل هو رسالة، وهو وعد بأن الإمارات ستظل دائماً منارة للسلام، وموطناً للتسامح، وحاضنة لكل من يؤمن بأن الكون يتسع للجميع.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *