السعودية والتطبيع رؤية سلام لا تُفرّط في فلسطين
السعودية والتطبيع رؤية سلام لا تُفرّط في فلسطين
في عالم تتغير فيه التحالفات وتُعاد صياغة العلاقات الدولية، تبقى المملكة العربية السعودية ثابتة في مواقفها ومتزنة في قراراتها، حريصة على مصالح شعبها وأمتها دون أن تتخلى عن مبادئها أو تتنازل عن ثوابتها.
من بين القضايا التي تشهد جدلاً واسعاً في المنطقة يبرز موضوع التطبيع مع إسرائيل، وهو ملف حساس تتعامل معه القيادة السعودية بحكمة ووعي، واضعةً القضية الفلسطينية في قلب كل نقاش وفي صلب كل مبادرة.
منذ تأسيس المملكة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- كانت فلسطين قضية العرب الأولى، وكانت المملكة في مقدمة الدول التي دافعت عن حقوق الشعب الفلسطيني سياسياً وإنسانياً في المحافل الدولية وفي كل المواقف التاريخية..لم يكن ذلك مجرد موقف عابر بل التزاماً متجذراً في سياسة المملكة توارثته الأجيال وحملته القيادة من عهد إلى عهد، حتى وصل اليوم إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي لاتزال فلسطين حاضرة في قلبه وفي قراراته وفي كلماته التي تعكس حرصاً صادقاً على نصرة الحق الفلسطيني.
أكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان رسمي في فبراير 2025 أن موقف المملكة العربية السعودية من قيام الدولة الفلسطينية هو موقف راسخ وثابت لا يتزعزع
وقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، هذا الموقف بشكل واضح وصريح
لايحتمل التأويل بأي حال من الأحوال.
وضعت المملكة شروطاً واضحة تستند إلى العدالة والكرامة، وتطالب إسرائيل بالاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة..هذه المبادرة ليست مجرد ورقة سياسية بل تعبير عن موقف أخلاقي وإنساني يراعي كرامة الإنسان الفلسطيني ويضع العدالة في قلب أي تسوية محتملة.
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أظهر في أكثر من مناسبة نضجاً سياسياً لافتاً في تناول هذا الملف لم يتحدث بلغة العداء أو التحريض بل بلغة العقل والانفتاح المشروط، مؤكداً أن المملكة لا تعارض التطبيع من حيث المبدأ لكنها تشترط أن يكون مبنياً على احترام الحقوق وتنفيذ المبادرات التي تضمن للفلسطينيين حياة كريمة ودولة مستقلة.
هذا الموقف يعكس رؤية جديدة للسياسة السعودية تقوم على الواقعية دون التفريط، وعلى الانفتاح دون التنازل.
من المهم أن نوضح أن المملكة لا تختلف مع اليهود كبشر ولا تنطلق في مواقفها من منطلق ديني أو عرقي، بل من منطلق سياسي وإنساني..اليهود كأفراد لهم كامل الاحترام والتاريخ يشهد على وجود علاقات طبيعية بين المسلمين واليهود في مراحل متعددة. لكن الخلاف مع إسرائيل كدولة لاينبع من ديانة سكانها بل من سياساتها تجاه الفلسطينيين، ومن انتهاكاتها المستمرة للمواثيق الدولية، ومن تجاهلها لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني.
يؤكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى بريطانيا الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أن المملكة لن تمضي قدماً في تطبيع العلاقات مع إسرائيل إلا بتحقيق السلام العادل والشامل، مشدداً على أن (إقامة دولة فلسطينية هو الحل الوحيد لإنهاء عقود من المعاناة)
رغم الضغوط الأمريكية المتكررة والتصريحات المتفائلة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول احتمال انضمام السعودية لاتفاقيات أبراهام، تظل المملكة متمسكة بموقفها الثابت.
المملكة لا تبحث عن مجد سياسي زائف، بل عن حلول واقعية تنهي عقوداً من المعاناة وتفتح أبواباً جديدة للتعاون والتنمية. القيادة السعودية اليوم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، تسير بخطى ثابتة نحو بناء مستقبل أكثر استقراراً لايتجاهل الماضي ولاينسى الحقوق، بل يسعى لتوظيف القوة السياسية والاقتصادية للمملكة في خدمة السلام الحقيقي.
تقود المملكة تحالفاً دولياً مع فرنسا يدعو لحل الدولتين، وتواصل العمل على تنسيق الجهود العربية لضمان موقف موحد ضد الضغوط الخارجية. أكدت الخارجية السعودية (رفضها القاطع المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي أو ضم الأراضي الفلسطينية أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مؤكدة أن هذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات)
فلسطين ستبقى في قلب القيادة السعودية كما كانت دائماً، والتطبيع لن يكون على حسابها بل سيكون خطوة نحو حل عادل وشامل إذا ما التزمت إسرائيل بما طُرح في المبادرة السعودية. المملكة لا تتحدث بلغة الشعارات بل بلغة الأفعال، وهي اليوم أكثر قدرة من أي وقت مضى على التأثير في مسار الأحداث وتوجيهها نحو مستقبل أفضل للمنطقة بأسرها.



