الأمير منصور بن مقرن.. الغائب الحاضر دائماً

الأمير منصور بن مقرن.. الغائب الحاضر دائماً

شمسٌ أشرقت على عسير ثم غابت فجأة تاركة خلفها ظلالاً من الحزن لا تنقضي.​
صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن مقرن بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- ذلك الاسم الذي كان يحمل في طياته دفء الإنسان وصدق المسؤول وحنان القائد رحل في لحظة لم تكن متوقعة في حادث مروحي مؤلم، وكأن السماء اختارته ليكون قريباً منها أكثر منّا.​
كان يمشي بين الناس، لايعلو عليهم بل يحنو يبتسم، يصغي، يمدّ يده قبل أن يُطلب منه..لم يكن منصبه حاجزاً، بل كان جسراً يعبر به إلى قلوب المحتاجين، إلى أحلام الشباب، إلى وجع الأرامل، إلى صمت الفقراء..كان يرى في كل وجه قصة، وفي كل قرية وعداً، وفي كل مشروع حياة.​
حين جاء خبر الرحيل، لم تصدقه القلوب، ولم تستوعبه العقول..
كيف يغيب من كان حاضراً بكل تفاصيله؟
كيف تسكت الطائرة التي كانت تحمل الأمل؟
كيف تنطفئ تلك العيون التي كانت ترى المستقبل؟
كان الخبر كصفعة على وجه الوطن ككسر في ضلع الجنوب، كدمعة لاتعرف طريق الجفاف.​
الأمير منصور بن مقرن لم يكن مجرد اسم في قائمة الأمراء بل كان نبضاً في قلب عسير وكان صوته يحمل دفء الجبال، وكان حضوره يملأ المكان طمأنينة..كان يزور القرى، يتفقد المشاريع، يتحدث مع الناس، يضحك معهم، يشاركهم همومهم، ويعدهم بأن القادم أجمل..لم يكن يعدهم بكلمات، بل بأفعال، بخطط، بقرارات، بوجوده بينهم.​
رحيله ترك فراغاً لايُملأ، وجرحاً لايُشفى ودمعة لاتجف.
بكته الطرقات التي سار فيها، والمكاتب التي جلس فيها، والقلوب التي أحبته..بكاه الطفل الذي صافحه، والعجوز التي دعت له والشاب الذي وجد فيه قدوة..بكاه الوطن بكل تفاصيله بكل ألوانه، بكل ألمه.​
لم يكن الأمير منصور بن مقرن -رحمه الله- يبحث عن مجد، بل كان يصنعه للآخرين..لم يكن يطلب الضوء، بل كان يضيء..لم يكن يرفع صوته، بل كان يُسمع.
كان حضوره كنسمة، وغيابه كعاصفة..كان وجهه يحمل ملامح الطيبة، وصوته يحمل نبرة الأمل وخطواته تحمل أثر الخير.​
حين سقطت الطائرة سقط معها جزء من الحلم، من الطموح، من الأمل..لكن روحه لم تسقط، بل ارتفعت، وارتفعت معها الدعوات والدموع، والقلوب التي لم تعرف كيف تتوقف عن الحزن. بقي اسمه يتردد، وبقيت صورته في العيون، وبقيت سيرته في القلوب.​
اللهم ارحم صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن مقرن واغفر له واجعل قبره نوراً وذكراه طيباً وسيرته صدقة جارية.
اللهم اجبر كسر والديه وإخوانه وأسرته الكريمة وكل الشعب السعودي بفقده وامنحنا الصبر وارزقنا اللقاء به في جنات النعيم حيث لا فراق ولا حزن ولا ألم.​

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *