السعودية الخضراء

السعودية الخضراء

تُعد المملكة العربية السعودية من الدول القليلة التي تنفرد بتنوع بيئي وجغرافي استثنائي، يمتد من الصحارى المترامية الأطراف إلى الجبال الشاهقة، وصولاً إلى السواحل البحرية الطويلة والثرية بالحياة الفطرية..هذا التنوع الطبيعي العريض أفرز نظاماً بيئياً فريداً يضم بين جنباته أنواعاً من الكائنات الحية والنباتات النادرة، بعضها لايوجد في أي مكان آخر في العالم..ومع تعاظم الوعي البيئي خلال السنوات الأخيرة، برزت جهود وطنية منظمة لحماية هذا الإرث الطبيعي الثمين، لاسيما في ظل القيادة الملهمة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي جعل من قضايا البيئة محوراً رئيسياً في مسيرة النهضة الوطنية وركيزة أساسية في بناء مستقبل مستدام.
وانطلاقاً من هذا الاهتمام، أطلق سموه الكريم مبادرات نوعية رفيعة، من أبرزها (مبادرة السعودية الخضراء) و (مبادرة الشرق الأوسط الأخضر) اللتان تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، وزراعة ملايين الأشجار في مختلف ربوع المملكة والمنطقة، إضافة إلى مشاريع ضخمة لحماية التنوع البيولوجي وتعزيز الاستدامة في النظم البيئية..ولم تبقَ هذه المبادرات محصورة في إطار الشعارات، بل تحولت إلى خطط تنفيذية واقعية، انعكست نتائجها في تحسن جودة الهواء، وارتفاع مستوى الوعي المجتمعي، وعودة بعض الأنواع البرية المهددة إلى بيئاتها الطبيعية من جديد.
ومن بين أبرز الجوانب التي حظيت برعاية خاصة من سمو سيدي ولي العهد، حماية الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض.. فقد شهدت المملكة جهوداً مكثفة لإنقاذ وإعادة تأهيل بعض الأنواع التي كانت على شفا الزوال، مثل المها العربي والنمر العربي، وهما رمزان أساسيان للتراث الطبيعي العريق في الجزيرة العربية.. وقد أنشأت الدولة لهذا الغرض محميات طبيعية واسعة تؤمن بيئة مناسبة لتكاثر تلك الحيوانات واستقرارها، إلى جانب إطلاق برامج بحثية وعلمية متقدمة تتابع أوضاعها باستمرار وتحدد احتياجاتها البيئية..وقد أثمرت هذه التدابير عن نتائج مشجعة، تجلّت في استقرار أعداد بعض تلك الأنواع النادرة، بل وبدء ازديادها تدريجياً.
ولايقتصر الحفاظ على النظام البيئي في المملكة على حماية النباتات والحيوانات فقط، بل يمتد ليشمل تعزيز جودة الحياة الإنسانية نفسها. فالتوازن البيئي يسهم بشكل مباشر في تقليل الظواهر الطبيعية القاسية مثل التصحر والعواصف الرملية، كما يترك تأثيراً إيجابياً عميقاً على صحة السكان العامة..إلى جانب ذلك، فإن وفرة المساحات الخضراء والغابات الطبيعية تفتح آفاقاً جديدة للتنزه البيئي والسياحة المستدامة، بما يضيف قيمة اقتصادية متنامية تسهم في دعم المجتمع والاقتصاد الوطني على حد سواء.
وتأتي رؤية المملكة 2030، التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتضع البيئة في موقع الصدارة ضمن أولويات التنمية الوطنية، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن الحفاظ على البيئة يُعد ركناً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة.
هذا التوجه الواعي لم يأتِ من فراغ، بل يعكس فهماً عميقاً لأهمية الموازنة بين النمو الاقتصادي السريع وصون البيئة الطبيعية، بما يضمن حاضر المملكة ويكفل مستقبل أجيالها القادمة.
واليوم يمكن بوضوح ملاحظة التحول الإيجابي الشامل في وعي وتعاطي المجتمع السعودي مع القضايا البيئية، وذلك بفضل قيادة مستنيرة جعلت حماية الطبيعة مسؤولية وطنية مشتركة يتقاسمها الأفراد والمؤسسات.
إن هذه الرؤية الطموحة تسير بالمملكة بخطوات راسخة صوب مستقبل أخضر أكثر استدامة، حيث يعيش الإنسان والطبيعة في تناغم دائم، ويظل النظام البيئي مكوناً جوهرياً من الهوية الوطنية، ودعامة أساسية في مسيرة النهضة الشاملة.

فهد الحربي

مدون وناشط سياسي واجتماعي (من قال أن الحب لايليق لهذا الزمان؟ الحب يليق بكل زمان ومكان لكنه لايليق بكل أنسان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *