منبر الكذب لا يزدهر إلا بنا
منبر الكذب لا يزدهر إلا بنا

في زمن أصبحت فيه الكلمة سلعة، والمعلومة بضاعة، تحولت بعض المنصات الرقمية إلى أسواق مفتوحة لبيع الوهم وشراء الشهرة.
لم يعد الحديث عن حرية التعبير أو النقد البنّاء، بل صار مشروعاً استثمارياً قائماً على استهداف دولة واحدة بعينها: المملكة العربية السعودية.. كل من أراد أن يصنع لنفسه اسماً، أو يحقق ثروة، أو يبحث عن انتشار سهل وسريع، وجد في مهاجمة السعودية طريقاً مختصراً نحو (مجد زائف).
مايسمى بالمعارضة، ومايعرف بالمعرفات المجهولة، وحتى ما يُطلق عليه (الذباب الإلكتروني) لم تعد مجرد أصوات هامشية، بل تحولت إلى أدوات ربحية..هؤلاء لايكتبون بدافع الإيمان بما يطرحون، بل لأنهم يعرفون أن (السوق) متعطش لهذا النوع من المحتوى، الذي يضمن لهم الترويج والعقود والدعم المالي، ويمنحهم بوابات مفتوحة لدى المؤسسات والمنصات التي لاتهتم بالحقيقة بقدر ماتهتم بالأرقام ومؤشرات التفاعل.
فلو أن هؤلاء كتبوا عن أي دولة أخرى، لما حققوا شيئاً يُذكر..لاتفاعل، لادعم، لاعقود، ولا حتى أدنى اهتمام..لكن السعودية ليست مجرد دولة.. إنها رمز وثقل ومكانة.. هي محور السياسات وقطب الاهتمام، وكل مايخصها يجذب المتابعة الفورية.. ولهذا صار استهدافها استراتيجية إعلامية متعمدة، لاوسيلة عابرة.
حتى شركات التواصل الاجتماعي نفسها لم تبقَ خارج اللعبة، بل أصبحت من أكبر المستفيدين منها. فهي تطور أدواتها، وتعدّل خوارزمياتها، بما ينسجم مع المحتوى المثير للجدل حول السعودية.. لأنها تدرك أن هذا المحتوى يزيد من زمن التصفح والبقاء على المنصات، ويُنعش الإعلانات، ويجذب الاستثمارات.. ولم يعد الأمر صدفة بل تحول إلى نمط مؤسسي متكرر، يُثبت أن هناك من يتكسب مباشرة من تشويه سمعة المملكة.
لكن هؤلاء يغيب عنهم أن السعودية ليست دولة تُهزم بالكلمات، ولاتُشوّهها الصور الملفقة، ولا تضعفها الحملات المأجورة. إنها دولة قامت على أسس عميقة وقوية، ولها شعب واعٍ يدرك الحقائق، وقيادة لاترد بالصوت العالي، بل بالفعل العميق والإنجاز المؤثر..المملكة لاتدخل سجالات كلامية، بل ترد بوقائع يتحدث عنها العالم، وتُثبت مكانتها بالعمل لابالشعارات، وتترك إنجازاتها تسكت كل الأصوات.
. إن من يهاجم السعودية يفعل ذلك عن علم بأنها في موقع القوة والريادة..يعرف أنها تقود وتبني وتؤثر وتغيّر في محيطها ولهذا، فإن الهجوم عليها ليس سوى اعتراف غير مباشر بمكانتها. بل إن قدر الهجوم يعكس جسامة التأثير كلما زاد، ازدادت القناعة بأنها تسير في الاتجاه الصحيح، وتُحدث فرقاً حقيقياً، وتُزعج أولئك الذين لايريدون لها النجاح.
لكن سيأتي اليوم الذي يتغير فيه (السوق) وتنكشف فيه الأقنعة، وتفقد تلك الأصوات الزائفة قيمتها.. حينها سيدرك المتاجرون أن الكذب لايدوم، وأن التزييف لايصمد، وأن المصداقية هي العملة الوحيدة المستمرة.
أما السعودية، فليست معنية بالرد على كل تغريدة عابرة أو معرف مجهول..هي دولة تواصل البناء والإنجاز، وتُثبت نفسها يوماً بعد يوم في كل مجال اقتصادياً، وسياسياً، وثقافياً ورياضياً ومن أراد أن يهاجمها، فليستعد لأن يرى إنجازاتها تتحدث أقوى من كل هجوم، وتسقط أكاذيبه، وتحوّله من (نجم وهمي) إلى مجرد هامش في كتاب الحقيقة.