السعودية | المدمنون والمأجورون.. كيف تحوّلوا إلى معارضين؟
السعودية | المدمنون والمأجورون.. كيف تحوّلوا إلى معارضين؟

لم تعد الحرب الإعلامية التي تُشن على المملكة العربية السعودية عبر منصات التواصل الاجتماعي مجرّد اختلاف في الآراء أو تباين في وجهات النظر..بل أصبحت معركة منظمة تتقاطع فيها الحسابات السياسية مع الأجندات الفكرية وتُستخدم فيها أدوات العصر الحديث لتقويض الثقة وزرع الشكوك..إنها حرب لا تُدار من خلف المدافع وإنما تُدار من خلف الشاشات حيث تُصاغ الأكاذيب في هيئة حقائق وتُلبس الافتراءات ثوب الإصلاح، ويُعاد تدوير التشويه حتى يبدو مألوفاً لمن لايتفحص ولا يتأمل.
في هذا الفضاء الرقمي تتكاثر الحسابات الوهمية كما تتكاثر الطفيليات في بيئات ملوثة وتُدار من وراء البحار بأصابع لا تعرف من المملكة سوى ما يُغذي حقدها..هؤلاء لايضايقهم ماتحققه المملكة من قفزات في الاقتصاد والرياضة والفنون والثقافة، بل يُثير غيظهم أن هذا التقدم يُصنع بجهود وطنية خالصة لا يد لهم فيها..إنهم لايطيقون أن يروا وطناً عربياً مسلماً يشق طريقه نحو المستقبل بثقة، دون أن ينحني لأحد.
لقد تحولت المنصات مثل تويتر (منصة X حالياً) وتيك توك ويوتيوب إلى ساحات قتال غير متكافئة تُطلق فيها الشائعات كالرصاص وتُبث المقاطع المفبركة كالقنابل الصوتية وتُعاد تغريدات التشويه آلاف المرات حتى يظنها البعض رأياً عاماً..هؤلاء لايملكون مشروعاً حقيقياً ولارؤية إصلاحية، وإنما يجيدون التلاعب بالعواطف، واستغلال الغفلة، وتغليف الكذب بأغلفة من الشعارات الرنانة.
والمؤسف أن بعض السذج قد يُخدعون بهذه الحملات، فيظنون أن من يهاجم المملكة إنما يفعل ذلك بدافع الغيرة أو الحرص، بينما الحقيقة أن معظمهم لايعرف عن المملكة إلا مايُملى عليه في غرف مظلمة..لايعنيهم أمنها ولا مستقبل شعبها.. بل همّهم الأول أن يُحدثوا شرخاً في الصف، ويُطفئوا وهج الإنجازات، ويُشككوا في القيادة.
ومن بين هؤلاء برزت فئة أطلقت على نفسها لقب (معارضين) بينما حقيقتهم أنهم هاربون من مواجهة الواقع فارون من المحاسبة..متنكرون لوطن احتضنهم ثم كشف فسادهم وتطرفهم وتلاعبهم..بعضهم كان يتغذى على المال العام ويستغل النفوذ في الظلام، وحين انكشفت أوراقهم، فروا إلى الخارج ظناً أن المسافات ستمنحهم حصانة وأن المنصات ستمنحهم صوتاً لكنهم نسوا أن الحقيقة لاتُدفن، وأن الوعي لا يُشترى، وأن الوطن لايُخدع.
ومنهم من لا يملك مما يسمى (المعارضة) إلا الاسم، فتاريخه ملطخ بالانحرافات؛ بعضهم مدمن مخدرات، أو مريض نفسي، أو صاحب سوابق في التحريض والتلاعب..لايملكون من أدوات الفكر سوى مايُملى عليهم، ولا من أدوات النقد إلا الشتائم والافتراءات..ومع ذلك يتصدرون المشهد في الخارج..ويُمنحون منابر يتحدثون منها وكأنهم أوصياء على وطن لم يعرفوا له قدراً ولم يصونوا له عهداً.
إن هؤلاء لا يُعارضون من أجل الإصلاح، وإنما لأنهم فقدوا امتيازاتهم، وعجزوا عن التكيف مع مرحلة جديدة تقوم على الكفاءة والمحاسبة. بعضهم كان يروّج للأفكار المتطرفة ويغلفها بثوب الدين، ويمارس التحريض تحت غطاء النصيحة. وحين كُشف أمرهم لم يراجعوا أنفسهم، بل اختاروا الهروب إلى الخارج لبث سمومهم، ظناً منهم أن البعد الجغرافي يمنحهم شرعية.
لكن المملكة، بحمد الله، ليست دولة ناشئة ولا شعبها هشاً..هي دولة ذات جذور راسخة، وشعبها يدرك تماماً الفرق بين النقد الصادق والتشويه المغرض والتجارب أثبتت أن هذه الحملات، مهما بلغت شراستها، لا تصمد أمام الحقائق، ولا تُقنع إلا من أراد أن يُخدع..فالمملكة لاتُدار من خلف الستار، بل تُعلن خطواتها، وتناقش قراراتها، وتُباهي بإنجازاتها، وتُصحح مسارها إن لزم الأمر، دون أن تسمح لأحد أن يفرض عليها طريقها.
إن الحرب الإعلامية على المملكة ليست جديدة، لكنها اليوم أكثر حدة بفضل سرعة النشر وسهولة الوصول وتعدد المنصات وهي حرب لا تُواجه بالصراخ، بل بالوعي، ولا بالشتائم، بل بالحقائق، ولا بالتراجع، بل بالتقدم. والمملكة بقيادتها الرشيدة وشعبها الواعي، قادرة على أن تُفشل كل هذه الحملات بالإنجازات لا بالادعاءات.
ختاماً، من يراهن على سقوط المملكة العربية السعودية إنما يراهن على وهم، ومن يعتقد أن هذه الحملات قادرة على حرف مسارها إنما يُخدع..فالمملكة ماضية في طريقها، تبني وتطور، تحاور وتصلح، تحمي وتنهض، وتُفند كل افتراء بالحقيقة، وكل تشويه بالوضوح.
أما من أراد الهدم، فسيقع قبل أن يمس حجراً من بنيان هذا الوطن الراسخ.
مدونة فهد الحربي : المدمنون والمأجورون.. كيف تحوّلوا إلى معارضين؟